العدالة الإنتقالية كطريق للمصالحة الوطنية في ليبيا بين المقتضيات والتحديات
الكلمات المفتاحية:
العدالة الانتقالي، المصالحة الوطنية، المقتضيات ،التحدياتالملخص
عرفت عدد من الأقطار العربية فى بداية العقد الثاني من القرن الحالي ثورات واحتجاجات عارمة، كانت نتيجة طول معاناة الشعوب من الاستبداد والفساد وتدهور الأوضاع المعيشية وغياب الحريات العامة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، بسبب غياب خطط التنمية وغياب العدالة الاجتماعية واستنزاف وتبديد الموارد الطبيعية والاقتصادية، ومع نجاح بعض هذه الثورات فى العصف بالديكتاتوريات الحاكمة لها، برزت الحاجة للحديث عن بعض المفاهيم كالعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية كآلية ناجعة وفعالة لطي صفحة الماضي للوصول بالمجتمع إلى طريق البناء والاستقرار وفق نظام ديمقراطي حر قائم على احترام حقوق الإنسان، وقادراً على تحقيق العدالة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وضحايا النظام البائد، ويحاسب مرتكبي الجرائم حساباً عادلاً يرضى جميع الأطراف، ويضع حجر الأساس لمبدأ سيادة القانون والمضي معاً (الضحايا والجناة) نحو تحقيق مستقبل أفضل للبلاد.
ويفرض الواقع الليبي بصورة خاصة سرعة اللجوء إلى تطبيق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، لمعالجة الانتهاكات التي وقعت قبل ثورة السابع عشر من فبراير 2011م، وكذلك معالجة الانقسامات والانتهاكات الصارخة التي حدثت بعد الثورة لغرض تلبيته طموحات الشعب في العبور الآمن صوب دولة القانون، ولم يصبح الأمر متطلباً المصالحة مع رموز النظام السابق فحسب، بل أيضاً معالجة عدد من المشكلات الأخرى التي ما زالت بحاجة لمعالجتها كمشكلة النازحين والمهجرين.
بيد ان مسار العدالة الانتقالية كطريق للمصالحة الوطنية في ليبيا قد عرف العديد من الاكراهات والعقبات ترتبط بتحديات كثيرة بما ترتب على نظام الحكم السابق، والأوضاع التي نجمت عن الإطاحة به، وما ولدّته من استقطاب حاد وشرخ اجتماعي كبير. وتفاقم الوضع بوجود حالة من الانقسام الحاد وفوضى انتشار السلاح وغياب الارادة السياسية الوطنية التي تعمل على ملف العدالة الانتقالية والمصالحة والوطنية، ودخول قوى خارجية لازالت تعبث بالمشهد الليبي، وهو ما يدعو كل الأطراف الليبية المتنازعة إلى التفكير الجاد بوضع خارطة طريق وطنية تنهض على أسس علمية وعملية واضحة وبرؤية سياسية بعيداً عن التدخلات الخارجية، والسير حثيثاً نحو الإصلاحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتطبيق العدالة الانتقالية كطريق ناجع للمصالحة الوطنية.