العدالة الإنتقالية في السياق السياسي الليبي (المسارات – التحديات)

الملخص

احتل مصطلح العدالة الانتقالية بالرغم من حداثة نشأته مركز الاهتمام لدى الرأي العام الوطني والعالمي ويتداول بكثرة لدى المجتمعات التي واجهتها انتهاكات في حقوق الانسان وجرائم ضد المواطنين في الأنظمة التي تمر بعملية تحول من أنظمة إلي أخرى لاسيما المجتمعات التي أطاحت بنظم حكم فردية او تلك التي تعرضت إلي صرعات داخلية وحروب داخلية أهلية.

لذلك برزت أهمية مفهوم إدارة العدالة اثناء فترة التحول السياسي في بناء السلام أطلق عليها اسم (العدالة الانتقالية) والتي تنطوي على مجموعة من السياسات والممارسات والآليات القضائية وغير القضائية التي تنفذها الدول التي تعرضت إلي صراعات بهدف التصالح مع تركه الماضي السيء وإعادة بناء العلاقة بين الدولة والمواطن والحيلولة دون حدوث هذه الانتهاكات في المستقبل.

وللعدالة الانتقالية أهمية قصوى في الحالة الليبية عقب ما شهدته الاحداث في عام 2011 في ليبيا كان لابد من تبني مشروع حقيقي للعدالة الانتقالية للعبور الي الاستقرار وإعادة البناء لدولة القانون، فهنالك كم هائل من التراكمات سواء المتعلقة بفترة ما قبل الحرب او ما بعدها، فانتهاكات حقوق الانسان لم تقتصر على فترة النظام السابق بل تبعتها العديد من الانتهاكات كالاعتقالات والتعذيب والقتل خارج القانون من قبل بعض أطراف الصراع.

لكن مسار العدالة الانتقالية في ليبيا تأثر بالسياق السياسي دون غيره من السياقات الاقتصادية أو الاجتماعية فأصبح الطرف السياسي الغالب والمسيطر على أدوات تطبيق العدالة الانتقالية سواء كانت (تشريعية –تنفيذية-قضائية) يتخذ المسار الذي يلائمه ويتفق مع مصالحه الآنية ورؤاه السياسية، ليتعامل بما يراه مناسباً مع خصمه المغلوب ومحاسبته.

 ورغم الكم الهائل في السجل التشريعي الليبي من القوانين والاعلانات الدستورية والقرارات ذات العلاقة المباشرة بمسار العدالة الانتقالية، الا ان العديد من العوامل والصعوبات والتحديات والعراقيل جعلت من مسار العدالة الانتقالية وان توفرت قواعدها وآلياتها صعبة التطبيق.

 وتدرس هذه الورقة مسار العدالة الانتقالية في السياق السياسي الليبي للوقوف على ما اعترضه من عراقيل وتحديات ساهمت في تأخر الليبيين عن جيرانهم في طي صفحات الماضي وعبور المرحلة الانتقالية نحو بناء استقرار دائم.