عن المؤتمر

تَتَجلَّى المقاصدُ الشرعيةُ في ثلاثِ دوائرَ معتبرةٍ: التعليلُ باعتبارهِ أداةً لضبطِ الحكمِ وربطِه بالمعاني، والمصالحُ باعتبارها غايةً للحكمِ، ومآلاتُ الأفعالِ، باعتبارها القاعدةَ الرئيسةَ في فقهِ التنزيلِ.

ومن الآكدِ قولُه: إنَّ مرتكزَ ذلك، المصلحةُ المرسلةُ والتي يتَغيَّاها الحكمُ الشرعيُّ التشريعيُّ في فروعِه وجزئياتِه وصولًا إلى كلياتِّه وقواعدِه الكبرى. 

وعلى هذا التأسيسُ جاءت مَقولةُ إمامِ المقاصدِ الشاطبيِّ المالكيِّ:" إنَّما تَحصلُ درجةُ الاجتهادِ لمَنٍ اتَّصَفَ بوصفين: أحدُهُما فهمُ مقاصدِ الشريعةِ على كمالِها، والثاني، التَّمكُنُ من الاستنباطِ بناءً على فهمِه فيها...". ومِن ثمَّ جاءَ عنوانُ المؤتمرِ العلمي الأول ملبيًا لنداءِ الشاطبي وغيرِه من علماءِ المقاصدِ وفلسفاتٍ التشريع، حيثُ تمَّ بناؤهُ على فكرةِ أن فقهاءَ المقاصد ِ قديمًا كان حديثُهم عنها في سِياقِ بحثٍ نظريٍ لكيفيةِ اجتهادِ المجتهدِ في إطارٍ فرديٍ، أو مناظرةٍ علميةٍ، أو ما في حكمِهما، فلَا تَتعدَّاها في أغلبها؛ لأن هدفَ البحثِ كان يدورُ حولَ تحقيقِ مقصِدٍ فرديٍ فقط، لكنَّ الذي نتوخًّاهُ في مؤتمرِنا هذا الحديثَ عنِ المقاصدِ ودورِها في صناعةِ وصياغةِ التشريعِ، وهو دورٌ مقاصديٌ تشريعيٌ  ينبغي أن يمارسَهُ المشرعُ الليبيُّ عند إصدارِه للتشريعاتِ.

مِن هنا؛ يَأتي هذا المؤتمرُ العلميُّ؛ ليُلامِسَ واقعًا تشريعيًا؛ ولتُمنَحَ الفرصةُ للباحثينَ والمهتمينَ لمزيدِ البحثِ في أُطُرِ فقهِ مقاصدِ الشريعةِ العامةِ، ومِن ثمَّ تفعيلُها بتنزيلِها على واقعٍ، محددِ الزمانِ والمكانِ والأشخاصِ والوقائعِ "التشريعاتُ الليبيةُ أنموذَجًا".

لذلك؛ تدعو اللجنةُ العلميةُ الباحثينَ والمهتمينَ من رجالاتِ القانونِ والشريعةِ إلى إثراءِ المؤتمرِ وتعميقٍه، بحثًا ودراسةً، تأصيلًا وتنزيلًا؛ بغيةَ الوصولِ إلى حلولٍ عمليةٍ لصناعةِ وصياغةِ تشريعاتٍ وطنيةٍ خادمةٍ للمقاصدِ الشرعيةِ، وَفْقًا للأهدافِ، والمحاورِ، والضوابطِ المعلنة.